الفتق السري والفتق الإربي عند الأطفال وحديثي الولادة: التشخيص والعلاج
بقلم الدكتور محمد قناوي
مقدمة
يعتبر الفتق من الحالات الطبية الشائعة بين الأطفال وحديثي الولادة، ويظهر عادة إما في منطقة السرة (الفتق السري) أو في منطقة الفخذ (الفتق الإربي). على الرغم من أن كلا النوعين من الفتق يحدثان نتيجة ضعف في جدار البطن، إلا أن لكل منهما أسباب مختلفة وأنماط مميزة من حيث التقديم والأعراض. في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل الفرق بين الفتق السري والفتق الإربي عند الأطفال وحديثي الولادة، ونتعرف على كيفية تشخيص كل منهما وطرق العلاج المتاحة.
الفتق السري عند الأطفال وحديثي الولادة
ما هو الفتق السري؟
الفتق السري هو انتفاخ أو بروز يحدث في منطقة السرة عند الأطفال بسبب ضعف أو عدم اكتمال في إغلاق الفتحة العضلية التي يمر من خلالها الحبل السري. يعتبر الفتق السري شائعًا بين حديثي الولادة، خصوصًا في الأطفال المولودين قبل الأوان، وهو عادة غير مؤلم ولا يسبب مضاعفات كبيرة في معظم الحالات.
الأسباب
- التطور الطبيعي: عند الولادة، يمر الحبل السري عبر فتحة صغيرة في جدار البطن. عادة ما تُغلق هذه الفتحة بشكل طبيعي بعد الولادة، ولكن في بعض الحالات قد لا تنغلق بشكل كامل، مما يتيح فرصة لظهور الفتق.
- الولادة المبكرة: الأطفال الذين يولدون قبل الأوان يكونون أكثر عرضة للفتق السري لأن جدار البطن لديهم قد لا يكون مكتمل النمو تمامًا.
- العوامل الوراثية: بعض الدراسات تشير إلى وجود عوامل وراثية يمكن أن تزيد من احتمالية حدوث الفتق السري في بعض العائلات.
الأعراض
عادة ما يكون الفتق السري غير مؤلم ولا يسبب إزعاجًا كبيرًا للطفل. تظهر الأعراض على شكل:
- بروز واضح في منطقة السرة، يظهر بشكل خاص عندما يبكي الطفل أو يجهد. يمكن أن يكون البروز مستديرًا أو بيضاويًا، ويختفي عند استلقاء الطفل أو في حال الهدوء.
- عدم وجود ألم: معظم الفتوق السرية لا تسبب ألمًا للطفل، ولكن في حالات نادرة قد يشعر الطفل بعدم الراحة إذا حدثت مضاعفات مثل انحباس الأنسجة داخل الفتق.
التشخيص
يتم تشخيص الفتق السري بسهولة عن طريق الفحص البدني. يقوم الطبيب بفحص منطقة السرة لمعرفة مدى بروز الفتق وحجمه. في حالات نادرة جدًا، قد يطلب الطبيب تصويرًا بالأشعة السينية أو الموجات فوق الصوتية إذا كان هناك شك في حدوث مضاعفات، مثل انسداد الأمعاء.
العلاج
غالبًا ما يلتئم الفتق السري تلقائيًا دون الحاجة إلى تدخل جراحي. ومع ذلك، فإن العلاج يعتمد على عمر الطفل وحجم الفتق:
- المراقبة: في معظم الحالات، يتم مراقبة الفتق السري دون الحاجة إلى أي تدخل جراحي، خاصة إذا كان صغيرًا. عادةً ما ينغلق الفتق تلقائيًا بحلول عمر 1-2 سنوات.
- الجراحة: إذا استمر الفتق بعد عمر 4-5 سنوات أو إذا كان كبيرًا جدًا ويزداد في الحجم، قد يوصي الطبيب بإجراء عملية جراحية. تُعتبر العملية بسيطة نسبيًا وتتم تحت التخدير العام، حيث يتم إعادة الأنسجة إلى مكانها وإغلاق الفتحة في جدار البطن.
الفتق الإربي عند الأطفال وحديثي الولادة
ما هو الفتق الإربي؟
الفتق الإربي يحدث عندما تبرز الأنسجة، مثل الأمعاء، من خلال ضعف في جدار البطن في منطقة الفخذ. الفتق الإربي أكثر شيوعًا عند الذكور مقارنةً بالإناث، ويعتبر أكثر شيوعًا عند الأطفال الذين يولدون قبل الأوان أو الذين لديهم عوامل وراثية تزيد من خطر الإصابة.
الأسباب
- العيوب الخلقية: عند تكوّن الجنين، يجب أن تنغلق القناة التي تمر عبرها الخصيتين أو المبيضين في البطن. إذا لم تُغلق هذه القناة بشكل صحيح بعد الولادة، يمكن أن تترك ضعفًا يسمح بحدوث الفتق.
- الولادة المبكرة: الأطفال الذين يولدون قبل الأوان يكونون أكثر عرضة لحدوث الفتق الإربي لأن عضلات جدار البطن قد لا تكون قد نمت بالكامل.
- العوامل الوراثية: مثل الفتق السري، قد يكون الفتق الإربي وراثيًا في بعض الحالات.
الأعراض
تشمل أعراض الفتق الإربي:
- بروز أو انتفاخ في منطقة الفخذ أو أسفل البطن، يظهر بشكل أوضح عندما يبكي الطفل أو يتحرك كثيرًا.
- عدم الراحة أو الألم: قد يعاني الطفل من عدم الراحة في منطقة الفخذ، خاصة عند الحركة أو البكاء.
- القيء أو الانتفاخ: في حالة حدوث انسداد في الأمعاء نتيجة الفتق، قد يعاني الطفل من أعراض أكثر حدة مثل القيء أو انتفاخ البطن.
التشخيص
تشخيص الفتق الإربي يتم عادة عن طريق الفحص البدني. يقوم الطبيب بالضغط برفق على منطقة الفخذ للتحقق من وجود انتفاخ أو بروز. في بعض الأحيان، قد يطلب الطبيب إجراء الموجات فوق الصوتية لتأكيد التشخيص، خاصة إذا كان الفتق صغيرًا أو يصعب رؤيته.
العلاج
يختلف علاج الفتق الإربي عن الفتق السري من حيث أن التدخل الجراحي عادة ما يكون ضروريًا، خاصةً لمنع حدوث مضاعفات.
- الجراحة: تعتبر الجراحة هي الحل الأمثل لعلاج الفتق الإربي عند الأطفال. يتم إجراء العملية تحت التخدير العام، حيث يقوم الجراح بإعادة الأنسجة البارزة إلى مكانها الطبيعي وتقوية جدار البطن باستخدام شبكة في بعض الأحيان لمنع تكرار الفتق.
- الإصلاح الجراحي الطارئ: في حالة حدوث انحباس أو انسداد في الأمعاء بسبب الفتق الإربي، يتطلب الأمر تدخلًا جراحيًا طارئًا لمنع حدوث مضاعفات خطيرة مثل انسداد الأمعاء أو نقص تدفق الدم إلى الأنسجة.
الفرق بين الفتق السري والفتق الإربي عند الأطفال
على الرغم من أن الفتق السري والفتق الإربي كلاهما يحدثان نتيجة ضعف في جدار البطن، إلا أن هناك بعض الفروقات المهمة بينهما:
- الموقع: يظهر الفتق السري في منطقة السرة، بينما يظهر الفتق الإربي في منطقة الفخذ أو أسفل البطن.
- الانتشار: الفتق السري أكثر شيوعًا لدى حديثي الولادة والرضع، بينما الفتق الإربي أكثر شيوعًا لدى الأطفال الذكور وعند الأطفال الذين ولدوا قبل الأوان.
- العلاج: بينما يمكن أن يلتئم الفتق السري تلقائيًا في العديد من الحالات، يتطلب الفتق الإربي عادةً تدخلاً جراحيًا حتى في المراحل المبكرة.
- المضاعفات: الفتق الإربي أكثر عرضة للمضاعفات مثل الانسداد المعوي، وهو ما يجعله حالة طبية أكثر خطورة مقارنة بالفتق السري الذي نادرًا ما يسبب مضاعفات.
طرق الوقاية
على الرغم من أنه لا يمكن دائمًا الوقاية من الفتق السري أو الإربي، يمكن تقليل خطر حدوثهما عن طريق بعض الاحتياطات:
- تجنب الضغط المفرط على بطن الطفل: يمكن أن يؤدي الضغط الزائد على جدار البطن إلى زيادة احتمال حدوث الفتق.
- التعامل مع السعال المزمن والإمساك: إذا كان الطفل يعاني من السعال المزمن أو الإمساك، يجب استشارة الطبيب للتخفيف من هذه الأعراض، حيث يمكن أن تزيد من الضغط على البطن.
- الرعاية الطبية المبكرة: في حالة وجود علامات على حدوث الفتق، يجب استشارة الطبيب على الفور لتجنب المضاعفات المحتملة.
الخاتمة
يعد الفتق السري والفتق الإربي حالتين شائعتين بين الأطفال وحديثي الولادة، وكل منهما يتطلب نهجًا مختلفًا في التشخيص والعلاج. الفتق السري عادةً ما يلتئم تلقائيًا دون الحاجة إلى تدخل جراحي، بينما يعتبر الفتق الإربي حالة تتطلب علاجًا جراحيًا لمنع حدوث مضاعفات خطيرة. من خلال التشخيص المبكر والعلاج المناسب، يمكن تجنب العديد من المضاعفات التي قد تؤثر على صحة الطفل في المستقبل.
أحدث التعليقات